الاسراع والتسرّع

الإثنين 4 حزيران 2018

Depositphotos_3381924_original

عاد رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري أمس بعد زيارة لعائلته امتدت عدة أيام للعاصمة السعودية الرياض، ومن المنتظر أن يطلق مروحة جديدة من الاتصالات والمشاورات لتشكيل الحكومة العتيدة، وقد أكد بالأمس خلال افطار أن المطلوب هو الاسراع في تشكيل الحكومة عبر فريق متجانس وقادر على مواجهة التحديات الكثيرة، وأن المطلوب هو الاستقرار لأنه الضمانة لأي استثمار اقتصادي يمكّن من مواجهة تحديات الأزمة الاقتصادية.
بدوره أكد رئيس المجلس النيابي نبيه بري ضرورة الاسراع في تشكيل الحكومة لأن هذا الأمر ملح وضروري في هذه المرحلة، وطالب كل الذين يصرّحون ويعلنون أنهم مع الاسراع في تشكيل الحكومة، تسهيل مهمة الرئيس المكلف حتى تتطابق أقوالهم مع أفعالهم.
والحقيقة أن الاسراع في تشكيل الحكومة مطلب الجميع في ظل الأوضاع والأزمات التي يعيشها البلد والتحديات الخارجية التي تواجهه وتنتظره، لكن دون ذلك عقبات كثيرة يضعها في طريق التأليف أكثر من طرف وفريق.
المعروف أن المسؤول عن تشكيل الحكومة هو رئيسها المكلف وفق نصوص الدستور اللبناني، الذي يعتمد النظام الديمقراطي البرلماني. وبالتتالي فإن مساءلة ومحاسبة الحكومة أمام المجلس النيابي يكون مسؤول عنها بالدرجة الأولى رئيسها الذي شكلها.
والمعروف أيضاً أن أية تشكيلة حكومية تحتاج الى ثقة المجلس النيابي (51%) حتى تأخذ دورها في ممارسة السلطة، وبالتالي فإن الرئيس المكلف بحاجة الى نسج تحالفات سياسية مع أطراف أخرى حتى يؤمّن الأكثرية المطلقة لحكومته في المجلس النيابي، خاصة أنه لا يملك هذه الأكثرية بمفرده، وبالتالي فإن القوى التي يتفاوض معها لدخول الحكومة مقابل منح أصواتها النيابية لتشكيله قد تفرض عليه بعض الشروط والمطالب، وقد يكون مضطراً لقبولها، وكل ذلك من آليات العمل الديمقراطي.
أما أن يتم تكريس أعراف جديدة تنتقص من صلاحيات الرئيس المكلف، أو تتجاوز النصوص الدستورية، وتعطّل مبدأ ومنطق المساءلة والمحاسبة، فهذا أمر مرفوض وغير مقبول على الاطلاق، ومن حق الرئيس المكلف أن يرفضه، بل من واجبه ذلك وإلا يتحوّل الى "باش كاتب" اذا خضع له.
الاسراع في تشكيل الحكومة يستدعي من الرئيس المكلف القيام بدوره وصلاحياته بشكل كامل، وأن يتقدم بتشكيلة حكومية تعكس رؤيته وتأخذ بعين الاعتبار المسائل الدستورية والميثاقية، وأن لا يسمح لأي كان بتخطي دوره وصلاحياته ومشاركته في هذا الحق والصلاحية.
المطلوب أمام التحديات التي يواجهها لبنان الاسراع بتشكيل الحكومة لا التسرع في ذلك. وإذا كان الجميع حريصاً على البلد وتشكيل حكومة فيه، فإن المطلوب تسهيل هذه المهمة من خلال ترك التشكيل للرئيس المكلف، ومن ثم ممارسة اللعبة الديمقراطية داخل أروقة المجلسي النيابي، إما من خلال منح الثقة للحكومة المشكلة، وإما بحجبها عنها والاكتفاء بأداء دور المعارضة!

المكتب الإعلامي المركزي