في لبنان : فتّش عن الفساد

الأربعاء 12 أيلول 2018

Depositphotos_3381924_original

بعيداً عن أجواء المراوحة التي تطبع مساعي تشكيل الحكومة , على الرغم من تقدم الرئيس المكلف سعد الحريري من رئيس الجمهورية ميشال عون بصيغة حكومية ثلاثينية ووضع رئيس الجمهورية بعض الملاحظات عليها، واقتراح معايير لها، وما تلا ذلك من سجالات وخلافات حول الصلاحيات وتجاوز الدستور. بعيداً عن كل ذلك، وعلى أهميته سُجّل الأسبوع الماضي أغرب الأمور التي كشفت حجم الفساد المستشري والمتحكم بكل مفاصل الدولة والادارة، الذي يدفع ثمنه المواطنون على الدوام.
المسألة الأولى، أو الأحرى الفضيحة الأولى , كانت في تعطل منظومة أجهزة توزيع الحقائب في مطار رفيق الحريري الدولي، وقد أدى ذلك الى زحمة مسافرين خانقة غصّت بهم قاعات المطار، وانتظروا في طوابير طويلة لساعات طولية حتى تمكنوا من تخليص معاملاتهم والسفر أو العودة. حتى أن طائرات كثيرة غصّت بها مدرجات المطار اضطرت للمغادرة من دون ان تقل أياً من المسافرين الذين هجروا مسبقاً على متنها. فضلاً عن أن الكثير من المسافرين باتوا ليلتهم في قاعات المطار، واضطروا للتأخر عن مواعيد سفرهم مع ما يلحق ذلك بهم من خسائر، خاصة أولئك المرتبطين بأعمال في الخارج. وعلى الرغم من كل ما جرى، وكل هذه المأساة والفضيحة، لم نسمع من مسؤول واحد أي اعتذار، ولا نقول استقالة! بل على العكس من ذلك رمى الجميع المسؤولية على إحدى الشركات العاملة، وكأن الأمر لا يعنيه . وقد فتحت الجهات المعنية تحقيقاً في الحادث، وشكّلت لجاناً لهذاه الغاية، وكما يقال: اللجان مقبرة المشاريع. والسبب في كل ما حصل هو الفساد, هي المحاصصة التي تجعل أي موظف في أي موقع من المواقع الإدارية أو غيرها في منأى عن الحساب، وقديماً قيل: من أمن العقاب أساء الأدب. إنها باختصار قضية الفساد المستشري في البلد.
المسألة الأخرى أو الفضيحة الثانية، وبالمناسبة مسلسل الفضائح في هذا البلد لا يتوقف، ظهرت مع اول "شتوة" حيث شكلت غزارة الأمطار المتساقطة في بعض المناطق سيولاً جارفة كشفت حجم الاستعدادات التي قامت بها السلطات المعنية، سواء كانت مركزية أو محلية، وأظهرت حجم اللا مبالاة تجاه قضايا المواطنين. وبالطبع السبب الأساسي وراء كل هذه المآسي هو الفساد ومنطق المحاصصة والمحسوبية وأمن القصاص والعقاب.
وقبل بضعة أيام جرى الحديث في وسائل الاعلام عن توقيف أحد المسؤولين عن حماية الآداب العامة في البلد , بتهمة تغطية شبكات الدعارة في البلد، وهو المفترض به أن يحمي البلد من هذه الشبكات، والسبب أيضاً هو الفساد المستشري الذي تعتبر المحاصصة والمحسوبية أحد أبرز أسبابه الجوهرية.
باختصار لبنان بحاجة الى فعل حقيقي لمكافحة الفساد عبر خطة جدية مكتملة الأركان، وليس الى وزارة لمكافحة الفساد لم نسمع يوماً عنها أنها وضعت حداً لأي فاسد أو مفسد في البلد. ولعل الخطوة الرئيسية في مكافحة هذا الفساد تبدأ من وضع حد لتغوّل القوى السياسية وسياستها الانتهازية في تحقيق مصالحها ومصالح أتباعها ولو على حساب المصلحة الوطنية العليا.

المكتب الإعلامي المركزي