إنتظار التشكيل ... او الانهيار !

الإثنين 17 أيلول 2018

Depositphotos_3381924_original

قاربت الفترة على تكليف الرئيس سعد الحريري، تشكيل الحكومة على الأربعة أشهر، ولم تلح حتى الساعة أية بادرة أمل، أو بارقة في الأفق حول التشكيل، بل على العكس من ذلك، فقد تحولت الأزمة من خلاف على المقاعد وتوزيعها، وعلى الحصص الوزارية : الى خلاف على الصلاحيات، وعلى تفسير النصوص الدستورية، وهذا ما عقّد المشهد بشكل أكبر.
من الذي يشكل الحكومة وفق النص الدستوري؟ إنه رئيس الحكومة المكلف الذي يجري الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة، ويوقع مع رئيس الجمهورية مرسوم تشكيلها (المادة 64 المعدلة بالقانون الدستوري الصادر في 21/9/2290). فالمعني الأول والأخير في عملية التشكيل هو رئيس الحكومة المكلف، وهو يتشاور مع رئيس الجمهورية بتشكيلها، ولكن رئيس الجمهورية لا يملك وضع الأطر العامة لها، ولا حتى حول سياستها.
في دستور الطائف لم يعد رئيس الجمهورية رأس السلطة التنفيذية كما كان من قبل، بل تحوّل الى حكم، والى حام للدستور والدولة والسيادة. فبموجب المادة 49 المعدلة بالقانون الدستوري الصادر في 21/9/1990، فإن رئيس الجمهورية هو رمز وحدة الوطن , يسهر على احترام الدستور والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه.
أما مجلس الوزراء فإنه صاحب الحق الأساسي في ممارسة السلطة التنفيذية، فهو السلطة الإجرائية التي تخضع لها القوات المسلحة، وهي التي تضع السياسة العامة للدولة في جميع المجالات , وتسهر على تنفيذ القوانين، وتمارس دورها بحضور أو غياب رئيس الجمهورية، فإذا حضر يترأس اجتماعها، وإذا غاب يمكن أن تقوم بدورها على أكمل وجه، وفقاً لما قرره وحدده الدستور. ولها مقر خاص تجتمع فيه، ليس في قصر بعبدا (المادة 65). كل هذا يجب أن يتم إدراكه ومعرفته بتجرد حتى تستقيم العملية السياسية، وحتى ينتهي الصراع على الصلاحيات .
اليوم وكما هو واضح , فإن المشكلة الأساسية هي في محاولة الهيمنة والاستئثار التي تولّد نوعاً من صراع الارادات، أو الصراع على الصلاحيات.
هل لبنان اليوم بحاجة الى هذا النوع من الصراع؟!
بكل تأكيد نحن بغنى عن ذلك ، فلبنان اليوم في مرحلة دقيقة وحساسة لا تحتمل مثل هذه الأمور. لاعلى المستوى الداخلي نعيش أزمة اقتصادية يعرف القريب والبعيد حجمها وخطرها وما يمكن أن تحدثه في البلد.
وعلى المستوى الخارجي هناك الأحداث العاصفة التي تعصف بدول الجوار، التي يمكن ان ينتقل لهيبها الى داخل بلدنا في أي لحظة.
نحن بحاجة في هذه المرحلة الى تحصين وطننا بوجه ما يمكن أن يعصف به، لذا نحن بغنى عن صراع الصلاحيات، فهذا الصراع إن دخلناه نحن لا نعرف أو ندرك متى يمكن أن نخرج منه .
لذا على الطبقة المتحكمة بقرار البلد اليوم أن تدرك جيداً أن الانتظار السائد اليوم هو انتظار للانهيار، وليس للخلاص. فإما أن تبادر الى انقاذ البلد من خلال تواضعها وتراجعها قليلاً عن بعض الطموحات أو الاطماع، وإما فإننا قد نفقد ما تبقى من وطن لندخل من جديد دوامة لم نعرف يوماً كيف تخلّصنا منها.
                                                                                 المكتب الإعلامي المركزي