تشريع الضرورة !

الإثنين 24 أيلول 2018

Depositphotos_3381924_original

يبدأ المجلس النيابي اعتباراً من يوم الاثنين ولمدة يومين جلسة عامة تشريعية هي الأولى تحت عنوان تشريع الضرورة في ظل عدم تشكيل حكومة أصيلة.
انتظر البلد كثيراً حتى تشكيل الحكومية من اجل تفعيل عمل المجلس النيابي في موضوعي التشريع والرقابة، إلا أن "الطمع" في الحصص الحكومة، ومحاوات الاستئثار والهيمنة على الحكومة حالت الى اليوم دون الانفاق على تشكيل الحكومة ما جعل بعض الأمور الملحّة، خاصة على المستوى الاقتصادي، بحاجة الى قوننة وتشريع، وإلا فإن خسارتها تعني خسارة مهمة للبلد.
نحمدلله أن في المسؤولين بقية "مسؤولية" إن لم نقل بقية "ضمير" , أنهم اتفقوا على عقد جلسة لتشريع "الضرورة"، حتى في ظل خلافاتهم على الحصص الحكومية، وهذا ما يمكن أن يعتبره بعضهم، إن لم نقل كلهم، فضلاً وجميلاً منهم على هذا الشعب المسكين. ولكنه قد يكون في حقيقته مزيداً من الحفاظ على مصالحهم، وأرباحهم وصفقاتهم، وليس من قبيل "المسؤولية" و"الغيرة" نحو هذا الشعب المسحوق. وعسى أن تثمر هذه الجلسة خيراً يصب في مصالح المواطنين.
ولكن في المقابل هذا الخبر والحدث الذي يقع يظن المرء معه أن أمور البلد مع هؤلاء المسؤولين بخير، يتفاجأ اللبنانيون بـ "فضيحة" جديدة في مطار بيروت، مع العلم أن الفضيحة السابقة في المطار، والتي ازدحم فيها المسافرون في طوابير طويلة، لم يمض عليها سوى أسابيع.
هذه المرة تناولت مواقع التواصل الاجتماعي نبأً مفاده أن الوفد المرافق مع فخامة رئيس الجمهورية الى نيويورك لتمثيل لبنان في الجمعية العامة للأمم المتحدة احتاج طائرة اضافية، فـ "اضطر الى طلبها من إدارة شركة طيران الشرق الأوسط، وربما مصادرتها و"اقتناصها" قبل أن يصعد الركاب اليها، وهكذا فوّت الوفد على المسافرين على متنها فرصة الانتقال الى القاهرة، فيما فاز الرئيس بالسفر على متنها الى نيويورك.
تلك كانت في المجلس جلسة الضرورة لتشريع الضرورة، وهنا في المطار طائرة الضرورة لتبرير السفر وعدم تأخر الوفد. يا لها من مفارقة عظيمة أن يجري كل ذلك في بلد يتغنّى بالحرية و حقوق الانسان ، ويتنادى مسؤولوه الى الاصلاح، فيما المواطنون ألعوبة بأيدي أولئك الذين لم يعد أحد منهم يأبه لأي حساب , او مساءلة
المستغرب في الأمر أن مكتب الاعلام في القصر الجمهوري لم ينف الحادثة , ولكنه رفض تحمّل المسؤولية ، وشركة الطيران أيضاً لم تنف الحادثة، ولكنها أشارت الى أنها أُرغمت على ما جرى! هل نحن في دولة بوليسيّة؟! أم أننا في دولة حقوق؟!
طالما أن المعنيين أقروا بحصول الحادثة، فلا بدّ أن هناك من يتحمل المسؤولية, و لا يجوز أن يدفع المسافرون والركاب والمواطنون ثمن هذه التصرفات، ولا ينبغي أن تمرّ هذه الحادثة مرور الكرام. اللبنانيون بحاجة اليوم الى جواب صريح وواضح فيمن يتحمل مسؤولية هذا الفعل، وإلا فإنهم يفقدون ما بقي لديهم من قناعة بالدولة، وأمل بنهوضها وبناء مؤسساتها، إلا إذا كان المطلوب القضاء على هذه القناعة والأمل لإنتاج أشكال جديدة تكون في خدمة المشاريع الكبرى التي تضرب المنطقة.

                                                     المكتب الإعلامي المركزي