قواعد اشتباك !

الإثنين 2 أيلول 2019

Depositphotos_3381924_original

الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة كانت يوم أمس المسرح الذي توجهت اليه الانظار كافة بعد العملية التي نفّذها حزب الله رداً على مقتل عنصرين له في سوريا بغارة جوية إسرائيلية.
الحزب الذي نفّذ تهديده وما وعد به رداً على مقتل العنصرين، ضرب آلية عسكرية إسرائيلية بصاروخ موجّه ما أدى الى إصابتها وتدميرها ومقتل من فيها بحسب رواية الحزب، بينما اعترف الاحتلال بإصابة الآلية إلا أنه زعم أن لا إصابات فيها. وقد استدعت العملية رداً محدوداً من قوات الاحتلال طاول محيط بلدات مارون الراس ويارون في قضاء بنت جبيل، ولم تؤدّ الى سقوط إصابات في الجانب اللبناني.
من الواضح أن كلا الطرفين المعنيين لم يكن راغباً بالذهاب الى مواجهات مفتوحة وحرب شاملة. فكيان الاحتلال الاسرائيلي يتحضر لانتخابات نيابية قريبة بعد حوالي أسبوعين، وقيادته السياسية الحالية بزعامة نتنياهو ليس لها مصلحة في خوض حرب مفتوحة، خاصة وان حساباتها تؤكد فرصة فوزها في هذه الانتخابات، لذا فهي لم ترَ أية مصلحة في الذهاب الى مواجهات وحرب مفتوحة في هذه الفترة، وإن كانت ترغب في تغيير قواعد الاشتباك مع حزب الله بما يمكّنها من فرصة شنّ الغارات عليه في أية لحظة وفي أي مكان.
في مقابل ذلك فإن الحزب لم يكن أيضاً يرغب في مواجهات مفتوحة وحرب شاملة لأن الظروف المحلية والاقليمية والدولية لا تسمح له بهذه الحرب، لذا فهو كان يريد الحفاظ على قواعد الاشتباك والردع، وهو ما اراده من خلال تنفيذ العملية في منطقة مارون الراس.
هذه المواجهة المحدودة انتهت على هذه الصورة، إلا أن ذلك لا يعني أن المسألة انتهت بشكل نهائي. فالولايات المتحدة الأمريكية فرضت وتفرض عقوبات اقتصادية على حزب الله، وتحاول حصاره عبر أكثر من طريق، وهذا بحد ذاته مواجهة من نوع آخر، لذا فهذه الجولة في هذه المرحلة، انتهت على هذه الهيئة ولكن المرحلة المقبلة قد تشهد مواجهات من نوع آخر، أو ربما تكون أكثر حدة أو اتساعاً بحسب الظروف ومقتضيات المرحلة لكل طرف من الأطراف.
وعند الحديث عن قواعد الاشتباك يبرز الحديث دوماً عن السيادة وقرارات الحرب والسلم، وقد تابعنا في لبنان كيف كان الموقف وطنياً وموحّداً في رفض الخروقات الاسرائيلية للسيادة ولكنه اختلف في أحقية الرد حيث اعتبر البعض أن الرد حق حصري للدولة لأنها الوحيدة التي تملك، أو يجب أن تملك قرار الحرب والسلم، بينما اعتبر البعض الآخر أن الرد الذي قام به الحزب قد تم تغطيته من خلال قرار المجلس الأعلى للدفاع الذي أعطى الحق للبنانيين للرد على العدوان الاسرائيلي.
على المستوى الاقتصادي ينعقد اليوم الحوار الاقتصادي في قصر بعبدا بحضور شخصيات سياسية وخبراء اقتصاد بهدف بحث فرص وسبل الخروج من الأزمة ومن اجل وضع أرضية ملائمة لمواجهة العقوبات الاقتصادية، ولكن يبدو أن الآمال على هذا الحوار ليست كبيرة لأن مبادرات الاصلاح ومكافحة الفساد تولد ميتة على الدوام في حين انها يجب أن تشكل حجر الزاوية للخروج من الازمة.

المكتب الإعلامي المركزي