إصرار على المكابرة

الإثنين 2 كانون الأول 2019

Depositphotos_3381924_original

أكثر من خمسة وأربعين يوماً مرّت على الانتفاضة الشعبية وهي ما تزال محافظة على زخمها واستمرارها وتواصلها. أكثر من خمسة وأربعين يوماً والمتظاهرون مرابطون في الساحات والميادين يتمسكون بمطلبهم الذي يتلخص بشكل أساسي اليوم بتشكيل حكومة من اختصاصيين تكون مهمتها انقاذ البلد من الانهيار المالي والاقتصادي. وأكثر من خمسة وأربعين يوماً والسلطة والقوى السياسية متمسكة بمواقفها غير آبهة بما يجري في الساحات أو حيال الأزمة المتفاقمة.
إنه الاصرار من كلا الطرفين على التمسك بموقفه ومطلبه حيال ما يجري، وإذا كان مفهوماً أن يتمسك الناس بمطلبهم المحق في مكافحة الفساد والفوضى والانهيار، وبتشكيل حكومة تكون محل ثقتهم، فإن غير المفهوم هو أن تتمسك السلطة والطبقة السياسية بموقفها الحامي للفساد والفوضى والمسؤول عن ما آلت اليه الأمور والأوضاع!!
لقد بلغ سعر صرف الدولار الامريكي مقابل الليرة اللبنانية في السوق الحرة خلال الأيام الاخيرة من الأسبوع الماضي أكثر من ألفين وثلاثمئة ليرة، وهذا بالتأكيد يفاقم أزمة المواطنين إذ انعكس هذا السعر على بقية أسعار السلع في المؤسسات التجارية فزادت أسعارها وهذا بدوره جعل المواطنين يعيشون الأزمة والمعاناة أكثر من مرة.
آن الاوان لهذه السلطة ولهذه الطبقة السياسية أن تدرك حجم الازمة والمعاناة، وأن تتصرف بسمؤولية من أجل الخروج من الأزمة، ولعل بداية ذلك يكون من خلال تعيين رئيس الجمهورية موعد لإجراء الاستشارات النيابية الملزمة إذ أن الوضع لم يعد يحتمل هذا التسويف وهذه المماطلة وهذا الخرق الفاضح للدستور تحت عنوان الاتفاق على شكل الحكومة قبل تكليف الشخصية التي ستشكلها استناداً للاستشارات الملزمة، ولا بد من القول إن هذا التأخير المتعمد يحمّل الرئيس مسؤولية استمرار الأزمة، إذ أن المنطق الطبيعي والدستوري يؤكد ضرورة إجراء الاستشارات وليتحمل بعد ذلك الرئيس المكلّف مسؤولية التكليف حتى يبدأ الحل.
الإصرار على خوض المعارك الوهمية في هذه الظروف والحالات غير الطبيعية يعتبر إصراراً على دخال البلد في المجهول وربما ما هو أسوأ منه في حين ان المطلوب هو المزيد من الحكمة والتعقل للخروج من هذه الازمة بأقل الخسائر الممكنة.
المكتب الإعلامي المركزي