حكومة الإختصاصيين

الإثنين 23 كانون الأول 2019

Depositphotos_3381924_original

وأخيرا وبعد قرابة شهر ونصف على استقالة حكومة العهد الاولى برئاسة سعد الحريري قرر رئيس الجممهورية الافراج عن الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس للحكومة المقبلة، وقد جرت هذه الاستشارات يوم الخميس الماضي، وأفضت الى تسمية الوزير السابق حسان دياب رئيساً مكلّفاً.
على كل حال , أن تأتي الاستشارات النيابية الملزمة متأخرة خير من أن لا تأتي أبداً، أو أن تظل حبيسة جدران القصر الرئاسي، وبالطبع في ذلك مخالفة دستورية واعتداءً على الصلاحيات (فقط للتذكير).
وبعيداً عن الحديث عن ميثاقية التمثيل أو ما يشبه ذلك، وللتذكير أيضاً فإن هذه من الاصطلاحات الدخيلة على قاموس العمل السياسي اللبناني، وحتى على دستورية ممارسة السياسة والعمل العام، لأن من شأن ذلك أن يعطّل مبدأ المساءلة والمحاسبة، ويعزز من سطوة وسيطرة الطوائف على القرار الوطني، بما يعني تعزيز نظام فيدراللية الطوائف..
إن المهم بعد الآن، وبعد إجراء الاستشارات النيابية الملزمة وتسمية رئيس لتشكيل الحكومة، أن يشرع الرئيس المكلف بتشكيل حكومة من أصحاب الكفاءات والاختصاص بعيداً عن المحاصصة الحزبية والطائفية، وعن الامتيازات، وأن يكون لها سقف زمني لوضع قانون انتخاب جديد يراعي عدالة التمثيل الصحيح، وأن تتم على أساسه الانتخابات النيابية في أقرب وأسرع وقت للخروج من دوامة الأزمة الاقتصادية الاجتماعية.
إن التحدي الأساس الذي يواجه الرئيس المكلف اليوم هو نجاحه في تشكيل مثل هذه الحكومة، وإقرار مثل هذا القانون، والشروع في مكافحة الفساد، وإلا فإن الشارع الذي يمكن أن يكون مواكباً وحارساً لأي إنجاز جديد قد يتحول الى شارع ثائر بوجه الحكومة والطبقة السياسية من جديد بما يطيح بكل شيء.
إن المواطنين الذين يعانون من الأزمات مدعوون الى مواكبة أي إجراء إصلاحي من أجل حمايته والبناء عليه، ولا يكون ذلك بقطع الطرق وتعطيل حياة الناس، فهذه وسيلة استنفدت غرضها وانتهت، بل على العكس باتت تكرّس القطيعة والمشاكل بين الناس. كما وأن تعطيل الحياة العامة والمدارس والجامعات وفي مناطق معيّنة لم يعد مفهوماً ومقبولاً، لأن هذه المنطقة تصاب بالشلل وتدفع الأثمان بينما ذلك يغيّر من المشهد العام شيئاً.
إن المواطنين مدعوون الى مزيد من التحلي بالحكمة والوعي بما يحرس انجازاتهم ولا يسمح لأي طرف داخلي أو خارجي استغلال حراكهم من أجل تسجيل هدف هنا أو نصر هناك, وإلا فإن الناس تدفع المزيد من الأثمان دون أن تحصل على أي من المكاسب.
المكتب الإعلامي المركزي