عام جديد .. أمل يتجدد

الثلاثاء 4 تشرين الأول 2016

Depositphotos_3381924_original


لم تحمل الأيام الأولى من العام الهجري الجديد جديداً في المواقف السياسية حيال الأزمة اللبنانية، ولا انفراجاً حيال الأزمة السورية التي تعيش اليوم أصعب أيامها مع الضربات الهمجية التي تتعرض لها حلب، ولا تجاه القضايا العربية الاخرى التي ما تزال تراوح مكانها إن لم نقل إنها في عملية تراجع وانكفاء الى الوراء.
في لبنان حملت الأيام الأولى لهذا العام مواقف أكثر تشدداً حيال أزمة الاستحقاق الرئاسي بعد ما كانت قد لاحت في الأفق بعض بوادر الانفراج في ضوء الاتصالات واللقاءات التي حرّكت المياه الراكدة في هذا الاستحقاق.
فالبطريرك الماروني بشارة الراعي رفض السلة الكاملة للحل التي يرفعها ويطالب بها الرئيس نبيه بري، ويرى ان هذه السلة الكاملة تصادر صلاحيات ودور رئيس الجمهورية، وبالتالي فإنها تحد من هذه الصلاحيات وتحوّل الرئيس الى مجرد "نقطة عبور"، فضلاً عن أنها تكرّس أعرافاً جديدة تشبه ما كرسته تسوية الدوحة فيما خص تشكيل الحكومة والمطالبة بالثلث "المعطل" أو "الضامن"، وعليه فإن البعض يرى في هذه السلة مقدمة ومدخلاً لمؤتمر تأسيسي يعيد إنتاج النظام بشكل جديد، وهذا بالطبع أمر مرفوض من أكثرية اللبنانيين.
في مقابل هذا الموقف الرافض للسلة، يتمسك الرئيس نبيه بري بسلة الحل الكاملة ولا يرى مدخلاً أو معبراً للحل من دونها، وبالتالي فإن ذلك يعني فيما يعنيه أن الاستحقاق الرئاسي مؤجل الى حين لا يعلمه إلا الله، لأن البعض في لبنان يراهن على الميدان السوري ويرى أن الحل هناك سيكون من خلال هذا الميدان، وبالتالي فإنه ليس في عجلة من أمره في موضوع الاستحقاق الرئاسي أياً كانت النتائج، وأياً كان المصير الذي يمكن أن يصل اليه البلد.
في سوريا لم تحمل الأيام الأولى من العام الهجري الجديد سوى المزيد من المآسي والمجازر التي يرتكبها العدوان الروسي بحق الأطفال السوريين من خلال قصف واستهداف كل مظاهر الحياة في حلب وبقية المدن والأرياف السورية. إنهم يريدون إضاعة إرادة هذا الشعب الذي هب مطالباً بحريته وكرامته، يريدون إعادته الى "بيت الطاعة" حتى لا يتمرد على مصالحهم واستبدادهم ومشاريعهم التي تريد أن تحوّل أهل البلد الى لاجئين، كما تريد أن تستبد بالحجر والشجر والبشر وتستأثر بخيارات سوريا وبقية المنطقة، فضلاً عن الأخذ بثأر موهوم من الشعب السوري، فيما العالم الذي يدّعي الحرية والحضارة والتقدم يلوذ بالصمت القاتل، ولا يحرك ساكناً حيال تلك المجازر البشعة التي ترتكب بحق الأطفال والنساء والمشافي والمدارس.
وفي بقية الأقطار العربية، الوضع ليس أفضل حالاً، ففي العراق لا يقل حجم المأساة عن سوريا، وفي اليمن وليبيا كذلك، وفي مصر هناك مأساة من نوع آخر لا تقل خطورة، وتبقى مأساة الشعب الفلسطيني حيث الاحتلال الصهيوني الذي يغير كل المعالم التاريخية والحضارية في فلسطين، إلا أن كل ذلك لا يعني الاستسلام والملل والانكفاء، فالعام الهجري الجديد يحمل دائماً الأمل من جديد لهذه الأمة المعطاءة، ولطالما شكلت الهجرة المدخل الطبيعي للحل والفرج، وإن مع العسر يسراً .. والله أكبر ولله الحمد.
المكتب الإعلامي المركزي