الردّ المزلزل !!

الإثنين 16 نيسان 2018

Depositphotos_3381924_original

"تمخض الجبل فولد فأراً". مثل قديم يعبّر عن النتائج التي تكون متوقعة لفعل معيّن ثم تأتي مخيّبة وليست بحجم ولا مستوى المتوقع.
هذا ما ينطبق فعلاً على حجم الرد الأمريكي الأوروبي على المجزرة الأخيرة في مدينة دوما بالسلاح الكيماوي، والتي اتهم فيها النظام السوري. ذهب في المجزرة مئات الضحايا بين شهداء وجرحى بالسلاح الكيماوي، فانبرى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقيادته من خلفه، وبريطانيا وفرنسا معه للتصدي لهذا العمل الإجرامي، وتوعدوا وحشدوا البوارج والطائرات والغواصات، وظن العالم أن مأساة الشعب السوري المتواصلة والمستمرة منذ سبع سنوات ستنتهي، وستولد سورية حرة ديمقراطية تسودها أجواء العدالة والحرية. ظن العالم أن هذا الحجم العسكري وهذا التهويل والتهديد سيضع حداً لكل تلك البشاعة وسفك الدم المتواصل، ولكن للأسف لم يكن شيء من ذلك. جلّ ما حصل هو توجيه ضربة محدودة لبعض المواقع العسكرية التي تحوي مواد كيماوية أو على علاقة بها. وكأن قتل الشعب السوري بغير السلاح الكيماوي مقبول وجائز، وهو قتل أساساً الشعب السوري وهجّر بغير تلك الأسلحة العنقودية والحارقة الخارقة المدمرة؟هل قُتل وهٌجر الا بتلك السياسة التي منحت "الجزار" كل تلك الفرصة لارتكاب المزيد من المجازر؟!
لقد توعد قادة الدول المشاركة بالضربة العسكرية برد مزلزل يضع حداً لاستخدام النظام الاسلحة الكيماوية. والسؤال: بعد كل ما جرى في سورية وبعد التهجير والتغيير الديمغرافي، وبعد الذي أصاب كل البنية التحتية والنسيج الاجتماعي، وبعد تخلي العالم عن ثورة الشعب السوري المطالب بالحرية والحقوق والكرامة. هل يحتاج النظام بعد اليوم الى استخدام أسلحة كيماوية بعدما حسم عسكرياً وبالمجازر الأمر لصالحه في 55% من سورية المفيدة، فيما تتوزع المنطقة الباقية بين نفوذ طرق دولية وإقليمية ؟!
الحقيقة أن هذه الضربة "المزلزلة" أعادت تلميع صورة النظام السوري من خلال إظهاره كأنه يواجه"عدوانا" خارجيا،ً فيما الحقيقة غير ذلك تماماً. كما وأنها كانت بهدف حفظ ماء الوجه لكل من أميركا وفرنسا وبريطاني من ناحية حيث لا يمكن لهذه الدول التي تدّعي حماية حقوق الانسان أن تسكت عن مجزرة بأسيلحة محرّمة دولياً، خاصة وأن هذا النظام كان تعهدي التخلي عن هذه الأسلحة.
الحقيقة أن هذه الضربة كانت تهدف الى اعادة تموضع هذه الدول في المشهد السوري ، وعلى حساب الشعب السوري، وبهدف تأمين مصالحها خاصة بعدما بات هذا المشهد موزعاً بين أطرف أساسية هي روسيا وايران وتركيا.
الاشكالية الكبرى في كل ما جرى ليس في الرد الأمريكي الأروبي، وهو رد أخذ ويأخذ بالحساب دائماً مصالحه. إنما في الغياب والصمت العربي الفارق في الخلافات الداخلية التافهةوالذي ما زال يعادي الشهوب ويتعامل مع حراكها على أنه "إرهاب" يجب التصدي له فيما دول العالم تتسابق لبسط نفوذها على مقدراتنا والخيرات المكنزة في أرضنا ويحاربنا، وهو يكشف قدرة وإمكانية الذين يتصدّون لتولي فيادة مجتمعانا وأمورنا.


المكتب الإعلامي المركزي